خطابات و تداخلات

نص الخطاب الذي ألقاه القائد العام فيدل كاسترو روز من على مدرج جامعة هافانا في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1960

التاريخ: 

27/11/1960

أيها الطلاب (تصفيق)،

أيها الشباب الثائر (تصفيق)،

أيتها الفصائل الشبابيّة (تصفيق)،

أيتها الفتيات أعضاء الميليشيا (تصفيق)،

أيها الفتيان أعضاء الميليشيا (تصفيق)

أيها الشعب (تصفيق)،

يحل هذا السابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر في ظل ظرف يستحق الاهتمام، وهو أن هذا الاحتفال، في هذه السنة، تجاوز بحجمه احتفال العام الماضي. وهذا يعني الكثير. يعني أنه مع مرور الوقت لا يحدث ما كان يحدث سابقاً، وهو أن يفقد إحياء الذكريات التاريخية كهذه وهجه بحرارة الشعب ودفئه.

إن حضور عدد أكبر من الكوبيين في احتفال هذه الليلة يعني أن إحياء المناسبات الوطنية والثورية يحظى بقدر أكبر من عناية الشعب يوماً بعد يوم. لماذا؟ ببساطة، لأن الوعي الثوري عند الشعب ينمو ويتعزز. ولا يتعلّق الأمر فقط بحضور عدد أكبر من الكوبيين هذه السنة إلى المدرج الجامعي، وإنما لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الحقيقة تعني، من ناحية أخرى، هزيمة للثورة المضادة (تصفيق).

بالنسبة للثورة الكوبية هذه الاحتفال يعني الكثير، بعد نحو سنتين من الثورة، وبعد الإجراءات الجذرية والعميقة التي جاءت بها الثورة إلى بلدنا.

لو أن هذا الاحتفال أقيم في الريف، وارتاد الفلاحون جموعاً، لكان أمراً طبيعيّاً جداً؛ ولو أن هذا الاحتفال أقيم بين العمّال، وارتاد العمّال جُموعاً، لكان أمراً طبيعيّاً. فطبقة العمّال والفلاّحين، وهم بغالبيّتهم جزء أيضاً من العمال الزراعيّين، إنهم مع الثورة. وهذا هو المنطق بعينه.

لم تحاول الرجعية خوض معركتها في قلب الطبقة العاملة؛ لم تحاول الثورة المضادة كسب مساحة بين الفلاحين. لكن الثورة المضادة علّقت آمالها على الفوز بمواقع في جامعة هافانا وبين القطاعات الطلابية. لماذا؟ لأن الجماهير الطلابية هي لفيف غير متجانس، بِنية اللفيف الطلابي متنوعة، وبصورة عامّة، لم تكن فرصة المجيء للدراسة في الجامعة متاحة أمام أبناء أفقر العائلات. ففرصة الدراسة في بلدنا كانت على أساس معاكس للموارد الاقتصاديّة، أو بالأحرى –لكي لا يحدث هنا التباس حِسابي- على أساس ذي صلة مباشرة بالموارد، وعلى أساس معاكس للفقر. أي أنه كلّما كانت العائلات أفقر، كلّما ضاقت أكثر فرص الدراسة أمام أبنائها.

على سبيل المثال، مَن هم الذي يمسحون الأحذية في شوارع عاصمتنا؟ من أين يأتي هؤلاء الأطفال الذين يبيعون الصحف في ساعات الليل وفي ساعات الفجر؟ أي فرصة أتيحت لهم لكي يدرسوا في الجامعة؟ وأي فرص كانت متاحة أمام أبناء عائلات الفلاحين ما دام في الريف لم يكن هناك معلّمون لمرحلة التعليم الابتدائيّة؟

أولئك الذين كان لدى عائلاتهم موارد كانوا يستطيعون الذهاب إلى المدينة، ويستطيعون الدراسة في المعاهد، ويستطيعون الدراسة في الجامعات. بعضهم، أصحاب أكبر الامتيازات بينهم، كانوا يستطيعون الذهاب للدراسة في الخارج أيضاً، فيتوجّهون إلى الولايات المتحدة أو إلى أوروبا. أشد العائلات فقراً في البلاد، بشكل عام، إلا في حالات استثنائية، لم يكن بوسعها إرسال أبنائها للدراسة.

طبعاً، كان يُمكن وجود فقراء في الجامعة؛ ويوجد في الجامعة وفي المعاهد كثيرون من أبناء عائلات فقيرة، ولكن في الجامعة يوجد أيضاً أبناء عائلات متوسطة الموارد، وهناك أيضاً أبناء العائلات الثريّة.

كان يمكن أن يحدث أن شاباً فقيراً لا يستطيع الدراسة؛ ما لم يكُن بالإمكان حدوثه في وطننا هو أن شاباً غنيّاً لا يستطيع الدراسَة؛ فالشاب الغني الذي لم يكن يدرس فهو لأنه لا يريد ذلك. وبشكل عام، العائلات الثريّة كانت تريد لأبنائها أن يدرسوا، وكانت شديدة الاهتمام بالتمكّن من حفظ مصالحها من خلالهم. هذا هو أمر صحيح بكل تأكيد.

من بين الطلاب المتضرّرين، الطلاب الجامعيين، كان هناك طلاب تضررت مصالحهم العائليّة من القوانين الثورية. ولهذا، في كل مكان من العالم، تحاول الثورة المضادة أن تحظى بمساحة، ليس بين الفلاحين. فماذا ستقول الثورة المضادة لفلاحٍ تم تحريره من بدل الاستئجار؟ ماذا ستقول الثورة المضادة لفلاحٍ تغيّرت حياته جذرياً، خلّصته الثورة من البؤس، من الاستغلال، من الإذلال، وقدّمت له الثورة ما لا يُعد ولا يحصى من الفوائد؟ ماذا ستقول الثورة المضادَّة للعمال؟

أمام الثورة المضادّة، أولاً، مراكز التعليم، وعلى الأخص منها، مراكز التعليم العالي، وكل مراكز التعليم بشكل عام. وهي تتوجّه إلى هذه المراكز لتجنيد عملائها بين أبناء العائلات الثريَّة، بين أبناء العائلات المتضررة من القوانين الثورية. والثورة المضادة لا تتوجه إلى المدرسة العامة الصغيرة التي تفتحها الحكومة الثورية في قلب الجبال. فالمعادون للثورة لا يذهبون إلى الجبال أبداً، ولا حتى في زيارة!

الثورة المضادة لا تذهب إلى الثكنات والقلاع التي تحوّلت إلى مدارس يتعلّم فيها أبناء العمال والعائلات الفقيرة (تصفيق). الثورة المضادة تعرف أنها لن تجد ضالتها هناك، الإمبريالية تعرف أنها لن تجد ضالتها هناك، وعندما يتوجّهون لإيجادها بين الطلاّب تحديداً، إنما هم يتوجّهون للبحث عنها، في أحسن الأحوال، بين أساتذة هذه المراكز التعليميَّة (تصفيق).

ولكي نتكلّم بوضوح، نعم، بوضوح، لأنه ما زال هناك بعض أتباع باتيستا بين أساتذة مرحلة التعليم المتوسّط (هتافات وتصفيق)، لأنه ما زال هناك بعض الموالين للإمبريالية الرجعيين والمعادين للثورة بين أساتذة مرحلة التعليم المتوسّط (تصفيق وهتافات: "برّا، برّا"). الثورة المضادة تتوجّه إلى هؤلاء، تتوجه إليهم لتحوّلهم إلى أدوات في خدمة أهدافها ضد الشعب. تتوجّه الثورة المضادة بشكل خاص، إلى مدارس أصحاب الامتيازات (تصفيق). فهناك، في مدارس أصحاب الامتيازات، الثورة المضادة تجد أفضل تربة لتزرع فيها، وفي مدارس أصحاب الامتيازات الكبرى (هتافات)، حيث يصعُب وجود شاب لم تتضرر مصالحه كصاحب امتيازات بصفته إقطاعياً كبيراً، أو كتاجر استيراد كبير أو كصاحب مصنع للسكّر، أو كمندوب مالي رفيع المستوى، أو كمالك عقاري في المدن، أو كمهني في خدمة هذه المصالح التي قضت الثورة على وجودها في وطننا؛ يصعب جداً جداً أن تجد شاباً من هؤلاء لم تتضرر مصالحه ذات الامتيازات من قوانين ثورة الفُقراء، للفقراء ومن أجل الفقراء (تصفيق).

وباعتبار أننا نتحدّث هنا باسم هذه الثورة، من واجبنا أن نتكلّم مع شعبنا بوضوح، لا سيّما مع فقراء شعبنا (تصفيق) والتحدث أيضاً إلى أصحاب الامتيازات في الأمس وما أشبه ما يكونون عليه اليوم، لأنهم ما زالوا يتمتعون ببعض الامتيازات؛ على الأخص لكي يعرفوا بأننا، نحن قادة الثورة، وأن الشعب الذي يحافظ على الثورة بدعمه وحماسه وبقناعته التي لا تُهزم (تصفيق)، ندرك ما نقوم بفعله ونعرف لب المشكلة. فليعلم هؤلاء أشباه أصحاب الامتيازات الذين ما زال هناك بعض منهم، أننا نعرف دوافع الأمور ونعرف لماذا تتواجد في هذه المراكز التربة المثلى لزرع الثورة المضادة.

وعندما تكلّمنا هنا عن أساتذة معادين للثورة، لم نكن نوجّه انتقاداً لرفيقنا وزير التعليم. لا (تصفيق). فليست بمهمة سهلة أن تواجه هذا الإرث الذي تركه لنا الماضي. على كل حال، هذه هي محصّلة طبيعيَّة للعملية الثورية، وخاصة عمليّة ثورة كريمة كهذه، ثورة هي كما هذه، ولكن كونها كريمة لم تضعف، وإنما نعم، لكونها كريمة، تحظى بالصعود المعنوي الكبير بين شعبنا، وبالقوة الأخلاقية الكبيرة للتحرك (تصفيق).

في كثير من هذه المراكز تتم الدعوة لمعاداة الثورة بصورة علنية، تتم الدعوة لكراهية الوطن بصورة علنية، وتتم الدعوة للحقد الطبقي بصورة علنية، الحقد على الفلاح البسيط، على العامل، على الشاب الفقير، على الشعب الفقير، أي أنه تتم الدعوة للحقد على الإجراءات والخطوات المتخذة، ليس لفائدة الأقلية صاحبة الامتيازات، المتخذة ليس للمحافظة على امتيازات هذه الأقلية، وإنما هي اتُّخذت من أجل جلب العدالة للذين كانوا يفتقدونها، لجلب الرفاهية للذين كانوا يفتقدونها، لجلب التقدّم والتحسّن لمن كانوا يفتقدونه؛ وذلك بشكل علني، بوقاحة. ولماذا بشكل علني ووقِح؟ آه! لأن لا شيء أمكر في العالم من معادٍ للثورة! (تصفيق) لا أحد أكثر دناءة في العالم من معادٍ للثورة! (تصفيق).

وماذا يعرف الناسخون والفريسيّون؟ أنتم تعرفون من هم الفريسيّون، وأنتم تعرفون من هم الناسخون، وأنتم تعرفون من هم المعادون للمسيح هنا في هذا البلد (تصفيق). أي أنهم الذين لا يسألون بفقراء هذا العالم، هم الذي لا يريدون دخول الجنّة من ثقب إبرة (تصفيق). أي أنهم من يريدون للجمل أن يدخل من ثقب إبرة (تصفيق).

هم أولئك الذين لم يدخلوا يوماً الأحياء الفقيرة، الذين لم يذهبوا يوماً إلى القرى الفقيرة والمهمَلة؛ هم أولئك الذين تفرغوا لتشجيع الامتيازات الاجتماعية الكبرى وكانوا معلّميها؛ هؤلاء، الفريسيّون والناسخون، هؤلاء الذين يشكلون مجتمعين الزمرة الفاسدة من الثورة المضادة؛ هؤلاء يعرفون ما تجلبه أيديهم.

هم يعرفون ما تريده الثورة؛ هم يعرفون ما تعتزم الثورة فعله؛ هم يعرفون أن الثورة كريمة؛ هم يعرفون أن الثورة لا تريد الدخول في لعبتهم؛ هم يعرفون أن الثورة لا تريد تأجيج الحملات الدولية التي تستهدف الوطن؛ هم يعرفون ما يضمرون؛ هم يعرفون بأنهم لن يستطيعوا أن يضللوا أحداً هنا. لكنهم في خدمة مصالح دوليّة، هم لا تهمّهم اللعبة هنا، هم يهمّهم اللّعب في الخارج، هم يهمّهم خلق نزاعات هنا، من أجل القيام بدعاية في الخارج.

أولئك الذين يستخدمون المعابد هنا، أو مدارس أصحاب الامتيازات الكبيرة، من أجل القيام بحملات إجرامية ضد الثورة التي فعلت كل ما فعلت من خير للذين كان عليها أن تفعله لهم: وهم فقراء ومستضعفي الوطن (تصفيق)؛ أولئك الذين يريدون التمرُّد على الوطن الثوري، لأن الوطن الثّوري دمّر مصالح أنانيَّة، دمّر مصالح لاأخلاقية، لاأخلاقية أمام أعين الإنسان وأمام أعين الله (تصفيق)؛ الذين يتمرّدون على الوطن لأن الوطن دمّر هذه المصالح اللاأخلاقية والأنانيّة؛ هؤلاء، يعرفون أنهم لا يستطيعون خداع أحد هنا؛ ولا حتى يستطيعون أن يوقظوا تعصّباً لدى مجموعة أبناء المهزومين يوميّاً الذين يريدون تحويلهم إلى عملاء للثورة المضادّة، لأن أولئك كانوا يموتون مصلوبين في روما، أولئك الذين كانوا يقطَّعون إرباً في السيرك من دون أن يتخلوا عن معتقداتهم، لم يكونوا أبناء الأشراف الرومان، كانوا أبناء العامّة الرّومانيّين! (تصفيق)

أولئك الذين كانوا يحترقون، الذين كانت تلتهمهم الوحوش، إنما كانوا عبيداً أو شبه عبيد: فقراء روما. وكان الإيمان في نفوس أولئك الناس راسخاً؛ لم يكن أولئك الناس معتادون على ملذّات الطبقة المهيمنة التي كانت تعيش من مأدبة إلى أخرى. إذاً، من الصعب عليهم أن يصنعوا أبطالاً أو متعصّبين أو مؤمنين بأي معتقد، لأن أولئك الذين هم مؤمنون بأي فكرة دينيّة أو سياسيّة ليس الشَّبعون، وليس المكتفون، ليسوا من هم يجهلون في الحياة ما هي المعاناة وما هو الألم (تصفيق)؛ من الصّعب أن يصنعوا خدَمَة أوفياء بين أولئك الذين يمتطون سيارات فاخرة؛ بين أولئك، الذين طالما امتدّ على موائدهم الوفير من الغذاء؛ بين أولئك الذين يوم ينقصهم شيء يظنون بأنه قد حلّ يوم الحشر (تصفيق). ونعم، قد حلّ في وطننا يوم حشر الامتياز والاستغلال المجرم للشعب! (تصفيق).

لن يجدوا أبطالاً بين أبناء أصحاب الامتيازات؛ قناعة مثل تلك التي تقود الرجال للموت، لن يجدوهم أبداً بين أبناء أصحاب الامتيازات، ولن يستطيعوا أن يبثّوا في نفوسهم فكرة الموت، مقابل أولئك الذين، نعم، هم مستعدّون للموت (تصفيق). لكنهم يجنّدونهم لكي يقوموا بالدعاية في الخارج؛ يجنّدونهم من أجل الاستفزاز. هم يعرفون ما يضمرون؛ يعرفون أن الثورة كريمة؛ يعرفون أن الثورة لا ترغب بتأجيج الحملات على وطننا، ويستغلّون ذلك ليبثوا –حتى بين الأطفال، بين الأطفال الذين لم يكتمل تكوُّن عقولهم بعد- آراءً رجعية، أراءً طبقات فقدت امتيازاتها، آراء أنانيَّة، آراء ضد الوطن، آراءً ضد الثورة، آراءً ضد الشعب.

يعرفون ما هو موقف الثورة، ويقومون بالاستفزاز. ربما يتجاوزون الحدود؛ ربما يظنّون بأن الثورة تخشاهم؛ ربما يظنّون بأن ذراع الثورة ستتردد يوم تضطر لإعلان نهاية الجرم المتمادي والوقاحة المتمادية! (تصفيق وهتافات: "فيدل، اضرب بثقة اليانكيين بشدة!").

تفرغوا لمهمة نشر مختلف الأكاذيب الدنيئة؛ ورغم أن الثورة قد أعطت أدلّة ومزيداً من الأدلّة على موقفها من هذه المراكز، لأن هذه هي سياسة الثورة منذ اللحظة الأولى، حتى أن الأمر وصل بنا لأن نطلب من مجموعة من المعلّمين في إحدى هذه المدارس أن يتخلّوا عن موقف مشروع، من أجل حل المشكلة، تكلّمنا معهم وطلبنا منهم أن يتراجعوا عن موقفهم، أن يتخلّوا عن هذه الحقوق المشروعة، لصالح سياسة ثورية حرصت على الإثبات بالوقائع موقفها الكريم تجاه هذه القطاعات، ما دامت هذه لا تتخذ موقفا صدامياً مفتوحاً مع الثورة.

وفي جامعة أصحاب الامتيازات الكبرى هذه، التي طردوا منها مجموعة كبيرة من الشبّان الكوبيين لتعبيرهم هناك عن مشاعرهم الوطنية (تصفيق)؛ في هذه الجامعة اليانكيّة وتعتاش مائة بالمائة على اليانكيين (هتافات: "برّا") بادرنا إلى التحدث مع الطلاب الجامعيّين لكي نطلب منهم أن يكونوا كرماء مع أولئك الذين، وبينما كان آلاف الشبّان يموتون، وبينما كان عشرات وعشرات الشبان يُقتلون في الشوارع، لم يتحرّك عندهم أدنى حسّ وطني تضامني مع رفاقهم في جامعة هافانا؛ وفي ظل الجرائم والرعب تاجرت إدارتها بدم الوطن، بتسجيل مزيد ومزيد من الطلاب، لكي تستغل وتوظّف بهذه الطريقة الغيرة الوطنية عند جامعة أغلقت أبوابها وفضّلت النزول إلى الشارع لمقارعة الدكتاتوريَّة! (تصفيق).

ومع ذلك فإن الحكومة الثورية قد خفّفت الإجراءات العقابية التي كان يطالب بها وبحق الطلاب الذين خسروا سنتين أو ثلاث أو حتى أربع من سنوات دراستهم، بينما كان "أبناء السادة" يتسلّمون بكياسة شهاداتهم المهنيّة.

أي أنه إذا كان هناك من شيء لا يُمكن اتهام الثورة بها هو أنها كانت عدوانية مع مراكز أصحاب الامتيازات هذه أو معاداتها. لكن الثورة قامت ضد الامتياز، الثورة قامت ضد المصالح الاقتصادية للطبقات صاحبة الامتيازات؛ وبما أن المشكلة لم تكن مشكلة دينية، لم تكن مشكلة معتقدات دينيّة، وإنما، نعم، مشكلة مصالح ماديَّة؛ نعم، مشكلة مال؛ نعم، مشكلة اقتصادية، أما ما هو غير ذلك، الإيمان والدين وغيرهما من الأمور، فقد نفعت كحجّة للأنين من الجرح؛ ليس جرح الدين، ولا جرح الإيمان، وإنما جرح المصالح الخاصة البائسة والأنانيّة (تصفيق)، المصالح الاقتصاديّة. ذلك أن الثورة قد اكتشف الصلة الوثيقة التي كانت تربط، على سبيل المثال، بين الموسِرين والعسكريين ورجال الدين (هتافات: "برّا!")

عندما جرى تأميم مصانع السكّر تم اكتشاف وجود مدفوعات لبعض من رجال دين، حتى بعدة مئات من البيسوات. أي أنهم لم يكونوا يرسلون الشيك للمخبر فقط، ولم يكونوا يرسلون الشيك للرقيب فقط، والملازم، والنقيب، والكومندان؛ لم يكونوا يرسلون الشيك فقط للمحامي الشهير، الذي كان مكتبه يتولّى الدفاع عن المصالح القدوسة لهؤلاء السادة؛ وإنما كانوا يرسلون الشيك أيضاً، الصغير والكبير، إلى رجال الدين (هتافات: "برّا!")، في ما كان يُحدث تزاوجاً مثيراً للاشمئزاز بين الموسِر المُستغِلّ للعمال وللفلاحين، والمُخبر الذي كان يجلد ويقتل، والمحامي الذي يقبض مبالغ طائلة من أجل الدّفاع عن هذه المصالح، والخوري الذي ينشر فكر الخضوع بين العامل والفلاح (تصفيق وهتافات: "فيدل، اضرب بثقة اليانكيين بشدة!"),

ولهذا فإن بعضاً من أزلام النظام هؤلاء ذوي السّربال (هتافات توبيخ)، البعيدين جداً، جداً، عن رسائل المسيح الحقيقية، خطر على بالهم أن يقيموا قداديس معادية للثورة في الكنائس (هتافات: "برّا!")، وأن يكتبوا بيانات رعوية تسلّمها أبناء الرعيّة أنفسهم، المؤمنون أنفسهم، والنشيد الوطني للوطن على ألسنتهم (تصفيق).

هذا الأمر لم يكن يعرفه المؤمنون الطيّبون؛ لم يكن يعرفه المؤمن البسيط. لم يكن يعرف بأن ذلك الناسخ كان يتسلّم شيكاً قيّماً من الموسِر مُستغِلّ فقراء وطننا! لم يكن يعرف ذلك.

لم تتدخَّل الثورة في مصالح الإيمان، ولا مصالح الدين؛ الثورة أضرّت بالمصالح الماديَّة. قوانين الثورة لم تستهدف أبداً أي كنيسة. أي قانون ثوري انتقص حقوق أي كنيسة، أو أي ديانة؟ أي قانون ثوري مسّ أي حق ديني؟ إنّما القوانين الثورية، نعم، استهدفت الإقطاع؛ القوانين الثورية، نعم، استهدفت الاحتكار الأجنبي؛ القوانين الثورية، نعم، استهدفت من كان يستغل مستأجراً فقيراً؛ استهدفت كبار المؤجّرين، وحتى أنها استهدفت مؤسسة التأجير؛ القوانين الثورية استهدفت المصالح الأجنبية، استهدفت الاحتكارات، استهدفت كل ما يمسّ مصلحة الوطَن. لم يصدر أي قانون ثوري ضد أي كنيسة، وما دامت قوانين الثورة قد استهدفت الممتلكات المادية، يبات بالغ الوضوح بأن موقف بعض رجال الدّين من الثورة، لم يستند أبداً لأي دافع ذي طابع ديني، وأنهم، خلافاً لذلك، يئنّون من جرح المصالح الاقتصادية المتضررة للطبقات التي كانوا يتحالفون معها (تصفيق).

وهذه الحقائق سبق أن ذكرها هنا، من على هذا المنبر نفسه، قس كاثوليكي نزيه (تصفيق)؛ هذه الحقائق أعلنها هنا من يستطيع أن يأتي بعاداته التكلّم هنا من على منبر ثوري (تصفيق)، لكي يخدم وطنه من دون أن يخالف ربّه، لكي يخدم وطنه من دون أن يخالف رسالة المسيح.

وهنا، نعم، يُمكن خدمة إيمان سياسي، وإيمان ديني، لأن الجمهورية تمارس الاحترام الكامل لحريّة العبادة؛ احترامها للذين يؤمنون كما للذين ليس لديهم معتقداً دينياً. لكن هناك واقع صحيح، وهو أن الوطن يتسع لنا جميع من نحبّ الوطن! (تصفيق). أن الثورة تتسع لنا جميع من نحب الشعب!

من لا تتسع لهم الثورة هم الذين يكرهون الفقير! من لا يتسع لهم الوطن، هم الذين يكرهون الشعب! من لا يتسع لهم الوطن، ولن يستطيعوا خدمة الله ولا الوطن، هم الذين يخدمون مصالح الأثرياء الأنانيّين، الذين يخدمون مصالح أصحاب الامتيازات! (تصفيق).

هؤلاء هم الذين لا يستطيعون أن يعتلوا هذا المنبر، حيث تسطع الحقيقة، وحيثُ زُهق النفاق وكل نوع من الأكاذيب منذ اللحظة الأولى.

وهذه البراهين تفسّر سبب محاولة الثورة المضادة التموضع بين الطلاب، في الجامعات وفي المدارس الخاصّة؛ في المدارس الخاصة، هذا شأنهم! نحن لا نتدخَّل، نحن قلنا بأننا سنقيم مدارس لأبناء العائلات الفقيرة، أفضل من أفضل المدارس الخاصة، ونقوم بالوفاء بكلمتنا! (تصفيق) ومن الصعب أن يتمكن بعض المدارس من التنافس مع المركز المدرسي "سيوداد ليبيرتاد" (تصفيق).

ومن المنطقي أنه بقدر تقدُّم هذه المراكز للشعب، سيأخذ بعض المدارس الخاصة بالضّعف. وهذا لسببين: لأن هناك مدارس أفضل منها؛ والسبب الآخر لأن الامتيازات قد تمت مصادرتها، ببساطة (تصفيق).

الأمور واضحة. هذا المال الذي كان ينتقل في السابق إلى جيب الموسِر، هذا المال القادم من تجارة الاستيراد الكبرى، من التمويلات الكبرى ومن كبار الإقطاعيّين، وكان رصيداً لمدارس أصحاب الامتيازات، هذا المال يفيد الآن في إقامة مدارس للشَّعب. الحكومة الثورية تضع يدها على هذه الموارد وتحوّلها إلى مدن مدرسيَّة؛ وبحجة أكبر وأقوى بكثير بعدما حوّلت الثكنات والقلاع التي كانت قائمة إلى مدارس (تصفيق).

والنتيجة واضحة: انهيار بعض هذه المدارس صاحبة الامتيازات. غير أنهم لا يسلّمون بواقع الضعف اقتصاديّاً، الناجم عن الإجراءات الثوريّة المتخذة من قبل الحكومة، ليس ضدها، وإنما لصالح الشعب، وبالطبع، هم لا يسلّمون بذلك.

ما الذي يحاولون فعله؟ قبل أن يُغلقوا المدارس، يضاعفون الاستفزاز ضعفان أو ثلاثة، وفي طريق الأخذ بإغلاق المدارس جرّاء انعدام الامتيازات، يشيعون دوليّاً بأن الحكومة الثورية قد أغلقت هذه المدارس. الحكومة الثورية لا تُغلقها، ولكنهم يأخذون بزيادة جُرعة الاستفزاز، كما هو الحال في جامعة "يانكيلاند" هذه.

والحكومة الثورية في مجال الأمور التي تعني اليانكيين... الحكومة الثورية لا ترتجف لها يد عندما تتخذ إجراء تجاه كل ما تُشتم منه رائحة اليانكيين. والحكومة الثورية لم ترغب بتوفير ذريعة للثورة المضادّة من أجل القيام بحملات دولية، ولكن ذلك لا يعني يا سادة "يانكيلاند" بأن لكم الحق بالإفلات من العقاب. بالإضافة لذلك، لا تحلمّنّ، ففي هذا الصراع سيكون الفقراء مع الثورة (تصفيق)، والفقراء يقاتلون، الفقراء يقاتلون؛ والامتيازات وأصحاب الامتيازات سيُعزلون؛ وأصحاب الامتيازات ليسوا من نفس جبلة أولئك الذين كانوا يعرفون كيف يموتون في زمن روما القديمة؛ أصحاب الامتيازات يذهبون إلى السفارة ويسلكون طريق ميامي. هذا هو ما فعله كثيرون منهم.

وفي حي "كانتري"، هذا الحي الذي يستحق الأمر العبور به لرؤية نمط عيش بعضهم، ومن هناك الانتقال إلى حي "لاس جاغواس" لرؤية نمط عيش آخرين، لكي يقولوا لنا في النهاية أن ذلك كان عادلاً، أنه كان نبيلاً، وأنه كان جيداً جداً وأن الثورة سيئة جداً، لأنها تريد لأبناء حي "لاس جاغواس" أن يملكوا منازل صحيّة، وأرضيات منازل إسمنتية، وأن يكون لديهم منشآت صحية، ومراكز مدرسيّة، وأن يكون لديهم متنزّهات، وأن يكون لديهم خبزاً يقدّمونه لأبنائهم (تصفيق). لكي يقولوا فيما بعد أن الثورة سيئة. إنها تبلغ من السوء أن تركت ثلاثين كاباجيريا1، على الأقل، لكبار الملاكين. يتمنّى أي من سكّان الأحياء الفقيرة امتلاك ثلاثين كاباجيريا من الأرض. تبلغ من السوء درجة أنها تركت لهم ستمائة بيسو من الإيجارات لأصحاب المباني الكبرى. تتمنى أي واحدة من عائلات حي "لاس جاغواس" التمتع بدخل يصل إلى 600 بيسو.

هي على درجة من السوء أنها لم تنتزع من أحد بيته! ولكن هم "طيّبون جداً"، "طيبون جداً" لدرجة أن كثيرين منهم سمعوا بأن الأمريكيين قادمين، فصدّقوا حكاية مشاة البحرية، وتركوا لنا الثلاثين كاباجيريا (هتافات)، تركوا لنا الستمائة بيسو. وبما أنهم "أكثر طيبة" بعد، "أكثر طيبة" مما كنّا نتصور، تركوا لنا المنزل في "كانري كلوب" ((تصفيق). لم يطردهم أحد من هناك، ولكن، كيف سيكون بإمكانهم أن يعيشوا بدخل 600 بيسو؟ إنها ثورة مجرمة تقتلهم جوعاً. كيف سيكون بإمكانهم أن يعيشوا بستمائة كاباجيريا؟ إنها ثورة مجرمة لم تترك لهم مكاناً يزرعوا فيه شجرة موز.

كيف يُمكن ذلك؟ وفوق هذا، ما دام الأمريكيون كانوا سيأتون، وما دام الأمريكيون كانوا سيعيدون لهم ممتلكاتهم من الأراضي الشاسعة، وكانوا سيرفعون تعريفات الإيجار من جديد، وكانوا سيحوّلون المدارس مجدداً إلى قلاع، وكانوا سيجرّدون الفلاحين مجدداً من الأرض؛ ما كان عليه الأمر في السابق سيعود كما كان وهم ما كانوا ليواجهوا مشكلات.

لماذا سيعيشون هنا، في هذا البلد الجهنّمي، الذي يبني بيوتاً للعائلات الفقيرة؟ لأن الفقراء ما كانوا ليواصلوا العيش في الأكواخ وفي تلك الأحياء البائسة، والتمكّن هم من العيش في تلك المنازل الفارهة التي لا يُمكن أن تحسد في شيء المنازل الفارهة التي تقطنها عائلات الأشراف الذين يتكرر ذكر أسماءهم في روما القديمة.

ربما تكون قليلة جداً الأماكن في العالم التي يوجد فيها منازل كهذه؛ ربما في الولايات المتحدة نفسها، مركز الإمبريالية، لا يوجد منازل على درجة من البذخ كهذه. ونحن ننصح، كطريقة للتهذيب الثورية، المرور من هناك، بكانتري، والقيام بثلاث لفّات، والانتقال من هناك لمشاهدة بيوت فقراء مارياناو، القائمة إلى جانبها، خط فاصل: حيث يوجد آخر منزل فارِه يوجد أول البيوت البائسة. وهذا هو العالم الذي كانوا يريدونه. وهذا هو العالم الذي يتنهّدون من أجله، عالم يعيش فيه 400 أو 500 في هذه القصور الصغيرة وملايين وملايين العائلات تعيش، كما كانت تعيش العائلات التي كان عليها أن تدفع 70 و80 بيسو في بعض الحالات بدل إيجار تلك الشقق البائسة المكوّنة من غرفتين (هتافات).

من أجل ماذا، من أجل ماذا كانوا يدفعون 80 بيسو؟ من أجل ماذا كان يعمل الفلاّح كالعبد؟ من أجل ماذا كان يعمل العامل كالعبد؟ من أجل ماذا؟ لكي يكون الوطن، الذي قال مارتيه بأنه "للجميع ومن أجل الخير للجميع"... هذا ما قاله مارتيه، وقال ذلك بكل وضوح. قال أن الوطن "للجميع ومن أجل الخير للجميع..." (تصفيق).

ولم يقل مارتيه أبداً ولا أحد غيره أن الوطن هو لقلّة قليلة فقط، ومن أجل السوء لكل البلاد تقريباً. وما جاءت الثورة من أجله هو تطبيق فكرة مارتيه هذه بأن الوطن للجميع، وبالإضافة لذلك، قامت به بمروءة لم يسجّل التاريخ حالات مماثلة لها من قبل؛ قامت به من دون أن تستخدم المقصلة، لأن من المعروف أنه في فرنسا لم يصادروا لهم ممتلكاتهم فحسب، بل وأنهم قطعوا رقابهم في مقصلة (هتافات). وفي هايتي، عندما تمرّد العبيد، على سبيل ذكر هذين المثلين، ويمكننا أن نذكر أكثر منها بكثير، قطعوا رقاب أصحاب مزارع البن أيضاً.

وعندما تمرّدت الشعوب لم تتبع إجراءات ناعمة جداً. هنا، السادة الذين صودرت أملاكهم، لم يلقوا معاملة حسنة فحسب، وإنما، فوق ذلك، عندما رغبوا بالرحيل، سلكوا طريق السفارة، ولم يقل أحد لهم: "لا، أنت ستبقى هنا على كل حال وتعيش في قصرك الصغير في ’كانتري كلوب‘" (بعض الأصوات تقول: "اسمه الآن ’كوباناكان‘"). بالنسبة لهم ما زال اسمه "كانتري كلوب"، وبالنسبة لنا "كوباناكان" (تصفيق). لم يكن هذا موقفنا. يريدون الرحيل؟ وفقهم الله. لا تزعجوهم. العم سام سيغطي لهم النفقات؟ جيد جداً. من الأفضل أن يغطيها لهم العم سام على أن يغطيها لهم "ليبوريو"، الذي كان يتولّى حتى الآن تغطيتها لهم (تصفيق).

وعلى الفور شكّلوا لجنة تُعنى بمساعدة فقراء المهاجرين، مهاجرون بقي بين أيديهم ما مساحته ثلاثين كاباجيريا من الأراضي، وبقيت بين أيديهم حسابات كبيرة في البنوك. فليشكلوا اللجنة. لا تزعجوهم. الثلاثين كاباجييريا هذه يمكن أن تساعدنا في توفير عمل لمزيد من الفلاحين وتطوير الإصلاح الزراعي أكثر (تصفيق). الستمائة بيسو هذه التي يتنازلون عنها تساعدنا في توفير عمل لخمسة عمّال آخرين في بناء مساكن جديدة (تصفيق).

وبيوت "كانتري كلوب" تلك ماذا سنفعل بها؟ (صيحات تقول "مدارس!") ليس مدارس، لأن الأطفال الفقراء لا يعيشون في تلك الناحية.

لدينا فكرة. يوجد هناك رأسمال مُستثمَر في منازل، في عقارات... ماذا يجب علينا أن نفعل (صيحات). لا، هذه المنازل لضيوفنا، للقادة العماليين والطلابيين والفلاحيين، للزائرين المرموقين، فالثورة لديها دائماً الكثير من الزائرين المرموقين (تصفيق). سوف نجهّز مائة منزل مع "كاديلاك" وكل ما يلزم (صيحات)، للزائرين الذين يستضيفهم "معهد الصداقة مع الشعوب" الذي أصبح مُشكَّلاً (تصفيق). وسوف نحافظ على الجنائن، وسوف نضع جملة من الخطط.

على سبيل المثال، من "الفرق الشبابيّة للعمل الثوري" (تصفيق) سوف نختار مائة فتى ممن يرغبون بتعلّم لغات ويصبحون مرشدين سياحيّين، سوف نرسلهم إلى مركز تعليمي للمرحلة المتوسطة، حيث يجري إعدادهم ليدرسوا لاحقاً اختصاصاً دبلوماسيّاً، ولكن ما داموا طلاباً في هذه المرحلة المتوسطة وفي الثانوية سوف يكونون مرشدين سياحيّين، سائقين لسيارات الـ "كاديلاك" هذه (تصفيق)، لكي يأخذوا الزائرين لمشاهدة التعاونيّات، ومزارع الشعب، والمدن المدرسيّة وإنجازات الثورة. بعد ذلك، يتوجّه هؤلاء الطلاب أنفسهم، هؤلاء المرشدون، إلى الجامعة؛ وفيما بعد، مستقبلاً، يمكن أن يصل بهم الأمر لأن يصبحوا سفراء للجمهوريّة (تصفيق).

ولن يكلفنا شيئاً تقديم هذه الخدمات، لأن مراكز التعليم هذه نفسها تستطيع تقديم هذه الخدمات، وسوف نعتني بالحدائق، ونحسّن وضعنا. وسنستخدم أيضاً مراكز أخرى، وسوف نؤهل جزءاً من الطلاب للعناية بالزائرين. عندما يكون هناك زائرون، هم يعتنون بهم، وعندما يغادر الزائرون، يذهبون هم إلى المدرسة من جديد (تصفيق). وبذلك، لا تستهلك سيارات الـ "كاديلاك" هذه الكثير من البنزين؛ سوف تدوم مدّة طويلة من الزمن، وستكون موجودة هناك من أجل العناية بالزائرين حصراً، عندما يكون هناك زائرون.

هذا هو ما سنفعله بمنازل "كوباناكان"، التي تركتها "عائلات مرموقة" طوعاً لكي تذهب للاحتماء "بعقارات ضيافة العم سام" حسناً، شكراً جزيلاً على المنازل!

هذا هو ببساطة ما حدث هنا: رجل غادر وترك لنا مدرسة كان اسمها "Havana Military Academy"؟ حسناً، ها قد عكفنا على بناء أجنحة إضافية وستقوم هناك أول مدرسة بوليتيكنيك لـ "الجيش الثائر"، إلى حيث ستتوجه ألف "فرقة شبابية للعمل الثوري" (تصفيق).

لن يبقى هنا مبنى واحد فارغاً، لأن الثورة قد أصبح لديها تنظيم، لديها الموارد البشرية لتنفيذ كل هذه المهام التي تضعها نصب عينيها، وتحقيق كل الأهداف التي تعتزم تحقيقها. ها قد أصبح لدينا ستين طالباً جامعيّاً في الإقامة الداخليّة (تصفيق)، وقُدرة على استيعاب ألفين آخرين، وثلاثة مباني مجهّزة لنزول ألفين و500 طالب آخرين (تصفيق). وكل شاب من عائلة فقيرة يريد أن يدرس اختصاصاً جامعيّاً ليس عليه أكثر من طلب المنحة؛ لا يحتاج إلى "عرّاب" (تصفيق)؛ لا يحتاج لرسالة توصية. بكل بساطة، يتوجّه إلى المكتب ويقول: "أرغب بدراسة الاختصاص كذا، وأنا طالب لا تتوفر لدي موارد اقتصاديّة" (تصفيق).

ما الذي يتم فعله مع هؤلاء الطلاب؟ هل تُعطى لهم صَدَقَة؟ لا! هل هي حسنَة من الدولة؟ لا! هؤلاء الطلاب سوف يدفعون لاحقاً بدل دراساتهم (تصفيق)؛ ببساطة، توفَّر لهم الموارد بشكل مسبق. كيف سيكون وضعهم هناك؟ في أفضل الظروف الممكنة: أماكن تاريخيّة، غذاء جيد وملائم، كتب، ملابس، كل النفقات، و10 بيسو شهريّاً خلال السنة الأولى (تصفيق). ومع تقدّمهم في سنوات الدراسة، تتم زيادة هذه الموارد. يتوفر لهم كل شيء لكي يتفرّغوا للدراسة؛ ولديهم أيضاً مكتبة عامة، ومطاعم طلابية، ولديهم أيضاً نادٍ اجتماعي. الطلاب الموجودون في "سيوداد ليبيرتاد" لديهم هناك ملاعب رياضية؛ وأولئك الموجودون على مقربة من ستاد الجامعة، لديهم هناك ملاعبه الرياضية؛ وسوف يعيشون حياة طلابية حقيقية بينما يجري بناء المدينة الجامعيّة.

ستتاح لهؤلاء الطلاب كل الفرص التي تسمح لهم بالتحوُّل إلى فنيّين رائعين؛ وبعد ذلك، يدفعون على مدار عشر سنوات، بواسطة جزء يسير من مداخيلهم، تكاليف دراستهم، وعندما يُنهون دراستهم، سيساعدون على تمكّن آلاف وآلاف من الطلاب الجدد من الالتحاق أيضاً والاستفادة من المنح.

ماذا تفعل الثورة؟ إعطاءهم الفرصة. وستفعل الثورة ذلك في جامعة هافانا، في جامعة لاس فيجاس...

(يُسمع صوت انفجار على مسافة قريبة)

... لا تعبأوا، لا تعبأوا؛ إنها قنابل يضعونها ضد الفقراء، قنابل يضعونها ضد الشعب الكادح. أي من هذه القنابل لا يلقيها ابن ريف، فلاح جرى تخليصه من دفع أجر الأرض، أو يعيش في تعاونيَّة أو يعمل في مزرعة شعبيّة، وجاءه معلّمون، واستفاد بمسكن، وينعم بمنافع الثورة؛ أي من هذه القنابل لا يضعها فلاح من أبناء الجبال، حيث يوجد اليوم ألف معلّم متطوِّع يعلّمون أبنائهم؛ أي من هذه القنابل لا تضعها عائلة خفّضوا لها أجر منزلها من 70 إلى 35 بيسو، وأعطوها الحق الآن بأن تكون مالكة للمنزل الذي تعيش فيه (تصفيق)؛ أي من هذه القنابل لا تلقيها عائلة تم إدخال ابناً لها في مستشفى، بدون رسالة توصية، بدون واسطة، حيث عولج وفي أحيان كثير أُنقذت حياته؛ أي من هذه القنابل لا تضعها عائلة يتلقى أبناؤها علومهم في تلك القلاع التي كانت تحتضن من قبل أولئك الذين كانوا يقتلون هؤلاء الأطفال أنفسهم في وطننا؛ أي من هذه القنابل لا يضعها رجل كادح من أبناء الشعب؛ أي من هذه القنابل لا يضعها محبٌّ لوطنه؛ أي من هذه القنابل لا يضعها مواطن حقيقي يحسّ تجاه الآخرين، يحسّ تجاه وطنه.

هذه القنابل، من يضعها؟ يضعها أزلام الدكتاتورية، يضعها من صودرت ممتلكاتهم، يضعها عملاء للإمبريالية، يضعها من باعوا أنفسهم للأجنبي، يضعها من يركعون أمام الأجنبي، أولئك الذين يريدون أن يروا الوطن مدميّاً! (صيحات: "برّا!"، "مشنقة!" و "نعم لكوبا، لا لليانكيين!")

في السابق، كان الثوار يستخدمون الديناميت في كفاحهم ضد الاستغلال، في كفاحهم ضد الجريمة، في كفاحهم ضد الدكتاتوريّة؛ كان الثوار يستخدمون سابقاً الديناميت في كفاحهم ضد أزلام الدكتاتورية، في كفاحهم ضد تاجر السياسة اللّص؛ في كفاحهم ضد المختلِس، في كفاحهم ضد من يستخرج من الوطن ثرواته، في كفاحهم ضد المستغِل الإمبريالي، في كفاحهم ضد الامتياز. آه..! وكانت تكلفة ذلك أن يتعرض للقتل، كانت تكلفة ذلك أن يتعرَض لانتزاع اعترافات منه تحت التعذيب. الثائر الذي كان يكافح من أجل فكره كان يدرك بأنه كان أمام مخبرٍ في كل زاويَة؛ كانت أمامه في كل زاوية سيارة دورية للشرطة مليئة بأزلام الدكتاتوريّة، كان يعلم بأنه في كل مربّع سكاني تقريباً كان يوجد غرفة للتعذيب!، كان يعرف بأنه في مخافر الشرطة كانت تنتظره أدوات الرعب؛ الكُلاّبات لقلع العيون، الحديد المجمّر لحرق قدميه، العصيّ لطحن عظامه! أن جهنّم والهول كانا بانتظاره في مخافر الشرطة! (تصفيق). كان الثائر يعلم بأن عياراً غادراً في الرقبة كان في انتظاره، عياراً في الظهر، بركة الدّماء التي ستسبح بها جثّته عند الصباح. وكان الثائر يواجه كل ذلك بشجاعة من أجل النضال في سبيل فكره، لم يكن أحد يدفع له شيئاً، لم يكن يقبض بدل تلك الخدمات!

المعادي للثورة، عميل الإمبريالية، المجرم الذي يقبض في السفارة بدل خدماته، يقبض من أصحاب الامتيازات بدل خدماته، يعلم هذا أنه لا ينتظره التعذيب ولا الإجرام؛ يعلم هذا أن لديه كضمانة لحياته كرم الأخلاق الذي تعاملت به الثورة حتى مع الإرهابيين أنفسهم؛ ويعلم هذا أي إرهابي لم يذهب بعد –وأظن أنني لست مخطئاً-، أظن أن أي إرهابي لم يذهب بعد إلى المشنقة. هذا هو سلوك المعادي للثورة الإرهابي الجبان (صيحات: "مشنقة"). يعرفون أن يداً لا تمتد إليهم؛ يعرفون أن يداً لا تمتد عليهم في مخفرٍ للشرطة؛ ويعرفون أن الثورة كريمة الخلاق؛ يعرفون أن المحاكم الثورية حميدة. ولكن نحن نعرف أنه في نفس المرتزق، في نفس من باع وطنه، في نفس المجرم الذي يقبض بدل خدماته، في نفس العدو لشعبه، في نفس العدو للرجال الكادحين من أبناء شعبه؛ في نفس خادم الامتيازات، لا يوجد شجاعة لمواجهة المحاكم الثوريّة والحكم الذي يستحقّه بسبب جرائمه. ولهذا، لا ينبغي نفاد الصبر. هذا هو الدليل على عجزهم.

أين هم المرتزقة الذين كانوا يدرّبونهم في غواتيمالا؟ أين هي الطائرات؟ أين هي عبّارات الإنزال البحري؟ (صيحات) أين هي فيالق المرتزقَة؟ ما الذي حدث لكي لا يقوموا بإنزالهم؟ (صيحات: "فليأتوا"). ويكتفون الآن بإحداث جلبة، يكتفون الآن بإلقاء طوربيدات صغيرة. هل يعرفون عدد آلاف الرجال –يتصورون- الذين لدينا على أسلحة الإسناد، أو على المدافع، أو في المضادات الجوية، أو على الأسلحة الثقيلة! (تصفيق) هل لديهم فكرة عن الكتائب التي تم تنظيمها وتسليحها، وفكرة عن الحشد الشعبي ما فوق العادي؛ وهم يعرفون ما تعنيه هذه المدافع بأيدي العمّال، بأيدي الفلاحين، وبأيدي الطلاب، هؤلاء الطلاب الجامعيين الذين خلعوا لباسهم المدرسي لكي يرتدوا قميص الميليشيات العمالية الأزرق! (تصفيق)، وأدركوا الشرف الكبير الذي يعنيه التآخي والرص الصف، كتف على كتف، مع عمال البلاد.

يعرف أعداء الوطن والثورة ماهيّة هذه المدافع، وهذه الهاونات، وهذه الأسلحة، بأيدي الشعب. وبما أنهم يعرفون بأنه ما دامت مجموعة عسكرية، صغيرة ولا تكادُ تُذكر، قد كلّف نزع سلاحها وهزمها الكثير من الدماء والكثير من التضحيات، فإنه في معترك كفاح الشعب من أجل حقوقه وكفاحهم هم من أجل امتيازاتهم وامتيازات الطبقة التي كانوا يدافعون عنها، هم يدركون بأن نزع سلاح الطبقة العاملة وفلاحي البلاد، أن انتزاع هذه المدافع منهم، أن تجريدهم من هذه الأسلحة... مدافع، نعم، وليس مجرّد بنادق أوتوماتيكيَّة بسيطة، وإنما مدافع ذات عيارات عالية وبأعداد عالية أيضاً! (تصفيق) لم يولد بعد المرتزقة الذين يستطيعون فعل ذلك! (تصفيق) لم يولد بعد الإمبرياليّون الذين يستطيعون فعل ذلك (تصفيق).

ولهذا يجترّون عجزهم، بإحداث جلبة لا تنفع إلا لإلهاب صدر الشعب. يا لهم من أغبياء! (ضحك). لأن نحن، عندما كنّا نخوض النضال، حتى في أصعب الظروف، كانت تدفع بنا وتشجعنا فكرة: فكرة أننا على حق، بأننا كنّا ندافع عن قضية عادلة، وأن من شأن الشعب أن ينهض من أجل هذه القضية، وأننا سندمّر الأعداء. أي أملٍ يحدوهم هم بتدمير الشعب، بدفاعهم عن أهداف خسيسة؟ أي أمل يُمكن أن يحدوهم بالنصر؟ هل تراهم بكل هذا العجز عن إدراك ما يعنيه شعب مسلَّح؟ أتراهم على درجة من الغباء أنه يمكنهم أن يعلّقوا الحد الأدنى من الأمل؟ لأنهم لا يستطيعون أن يواجهوا حتى جزءاً من الشعب؛ وهم، ومعهم أسيادهم الإمبرياليون، لا يستطيعون أن يواجهوا شعبنا، وأقل من ذلك شأناً مواجهة جزء من العالم يساندنا (تصفيق).

أين هي، أين هي آمالهم؟ أتراهم سوف يجنّدون ضد الثورة الإنسان الذي كان عاطلاً عن العمل، أياً من الـ 200 ألف عامل الذين بدأوا العمل في الريف منذ انتصار الثورة؟ أتراهم سيجنّدون ضد الثورة الـ 35 بالمائة من العمال الصناعيّين الجدد الذين عثروا على عمل بعد انتصار الثورة؟ أتراهم يستطيعون إجهاض ما أنجزته الثورة؟، وليس إنجازات الأشهر الماضية، التي بكبرها، هي أقل من الإنجازات المقبلة (تصفيق).

كيف، ما دامت قد بدأت تظهر الثمار، ما دام قد أصبح هناك 600 طالب بإقامة داخلية في الجامعة؟ (تصفيق) ما دام لدينا هنا أول 600 عضو في الفرق الشبابيّة (تصفيق) من الألفين الأوائل الذين صعدوا إلى "قمة توركينو" خمس مرّات! ما دام لدينا هنا الستمائة الذين اجتازوا علوم الصف الخامس، أو أكثر، لكي يلتحقوا بمراكز مختلفة! مائة وخمسون، في مدرسة للطيران (تصفيق)؛ أصحاب أكبر اهتمام وأفضل شروط جسديّة، سيذهبون أولاً لتعلُّم كيفية تشغيل آلات ذات استخدام مدني، سيعملون في الحياة المدنيَّة، أي في الحياة المدنية في أعمال زراعيَّة؛ وبعد ذلك، ستتاح لهم الفرصة ليتعلّموا الطيران العسكري؛ وفيما بعد، سيكونون هم من يقودون طائراتنا الكبير المخصصة للنَّقل (تصفيق).

وهكذا، طيارو المستقبل سيبدأون، يكونون قد بدأوا جميعاً من "الفرق الشبابيّة للعمل الثوري ’كميلو سيينفويغوس‘" (تصفيق)؛ يكونون قد أمضوا أربعة أشهر في سلسلة جبال سييرا مايسترا؛ يكونون قد تسلّقوا "قمّة توركينو" خمس مرّات، وسيأخذون بالارتقاء. أي من هؤلاء الشبّان لن يخطف غداً طائرة (صيحات: لا! أبداً") هؤلاء الشبان هم أنقى نتاج للثورة! (تصفيق) الفخر الأكبر والأكثر شرعية لهذه الثورة! (تصفيق)، بذرة الوطن الجديد، الذين سيبنون جيلاً جديداً ذا جاهزيّة أفضل لمواصلة الإنجاز الثوري. لأن من واجب الثورة أن تضمن مسيرتها الصاعدة، مستقبل أفضل بعد من حماس اليوم؛ وأن يحل محلّ شعب محرَّر حماس جيلٍ سيكون بالكامل نتاج الثورة.

كنّا نتحدث قبل قليل عن إرث الماضي، والإرث الذي ستتلقاه كوبا الغد سيكون هذا الذي نقوم بصنعه اليوم (تصفيق)؛ سيكون عشرات الآلاف من الفنيين الذين يدرسون اليوم (تصفيق)؛ سيكون عشرات الآلاف من الشبّان الذين تم اختيارهم، من حيث مزاياهم وشروطهم الطبيعيّة، حيث ضُعفاء الشخصيّة والنّفس سيبقون في الخلف، وأفضلهم سيصلون إلى هنا حيث ستتاح لهم الفرصة لمواصلة النجاح، مواصلة التقدّم. في المدارس، بعضهم سيذهب إلى مدرسة الفنون والمهن البحريّة، وبعد سنة (تصفيق)، بعد سنة ستراهم يقودون أوائل أساطيل صيد الأسماك (تصفيق)، الصيد في أعالي البحار، والتي بدأ صنع سفنها في مصانع السفن الوطنيَّة (تصفيق). وآخرون سيتوجّهون إلى مدارس البحرية الحربية، حيث سيتلقّون على مدار ستة أشهر المعارف اللازمة ليصبحوا ملاّحي سفن حربية (تصفيق). سيؤدون خدمة مجانيّة على مدار سنتين ونصف السنة (تصفيق)؛ وسيكون جزء من هاتين السنتين ونصف السنة مواصلة التعلّم، وجزء آخر لحماية سواحلنا (تصفيق)، سيدافعون عن سيادتنا، وبعدها ستؤمَّن لهم الوظائف في "البحرية التجارية الوطنية" (تصفيق)، وسيجولون العالم في سفن كوبا.

أي أنه ستتاح لهم هذه الفرصة، البعض في مدارس طيران؛ وآخرون في مدارس بحرية حربية، وآخرون في مدارس صيد أسماك، وآخرون في مدارس تكنولوجيَّة (تصفيق)، حيث سيشكّلون أيضاً وحدات قتالية خلال دراستهم (تصفيق).

عندما ينهون دراستهم في التكنولوجيا سيكون بوسعهم إما الذهاب للعمل في المصانع أو الاستفادة من منح جامعية لمواصلة دراساتهم العليا (تصفيق). وهؤلاء الشبّان هم من أفقر العائلات؛ كثيرون منهم كانوا يبيعون الصحف، وآخرون يمسحون الأحذية؛ وغيرهم يقومون بأشغال مماثلة. هؤلاء الشبّان، هؤلاء هم ملخّص صافي للثورة! (تصفيق). هؤلاء لن يذهب أي معادٍ للثورة للبحث بينهم عن مرتدّ. كم هو الأمر مختلف عن أبناء الأسياد في جامعة فيجانويفا اليانكيَّة!

وأي خيار آخر يمكن بقاءه في صراع حيث يوجد الفقراء، الشبّان الذين عاشوا أقسى التجارُب، وبالإضافة لهذه الروح الرائعة التي يتمتّعون بها، هم حرّاس الثورة، مدافعون عن الوطن، وسيقودون سفناً حربية (تصفيق)، وسيقودون طائرات حربية (تصفيق)، وسيحرّكون أسلحة ثقيلة (تصفيق)، من دون التوقّف لحظة عن التأهُّل للحياة المدنية، من دون التوقف عن الدراسة؟ أي أن هذا ما سيكونون عليه، وسيكونون طلاباً، وسيكونون قيد التأهل للعمل السّلمي، للعمل الخلاّق.

وقد بلغ ألفين حتى الآن عدد الذين غادروا، كل واحد مع معلّمه، كل فرقة مع معلّمها. أولئك الذين هم على مستوى أعلى بالنسبة لبعض المراكز، أما الذين لا يصلون إلى هذه المستويات فسيقومون بمهام أخرى خلال دراستهم مع أساتذة مرحلة التعليم الابتدائي. إلى ذلك، سيتدرّجون في اكتساب المعارف التي تتيح فرصاً متساوية للذين يتوجّهون الآن إلى المدارس التكنولوجيّة. وفي هذه الأثناء، سيشجّرون جبالنا بالأشجار المنتجة للأخشاب، مساحات شاسعة سيملؤونها بملايين الأشجار؛ سينجزون أعمالاً (تصفيق) من أجل الشعب؛ سيبنون مدناً مدرسيّة ويتابعهم مسيرتهم في الحياة. ألفان مرّوا بهذا الاختبار؛ وهناك ثلاثة آلاف في هذه اللحظات في مخيّمات سييرّا مايسترا و10 آلاف سيكونون هناك في 28 كانون الثاني/يناير القادم (تصفيق).

عشرات الآلاف من الشبان مثل هؤلاء، من أفقرهم، من أفضل ما في وطننا، يجري تنظيمهم اليوم، وسيكونون فنّيّين، سيكونون دبلوماسييّن، سيكونون مهنيّين، سيكون عمّال متخصِّصين في المصانع، سيكونون ملاحي سفن، سيكونون ملاّحي طائرات، سيكونون قباطنة سفن، سيكونون قباطنة طائرات! (تصفيق)

وهذه هي الثورة، التي تبحث عن أفضل ما في الوطن، وبأفضل ما في الوطن تعدّ المستقبل الأفضل لكل الكوبيين. وهكذا نواصل مسيرتنا إلى الأمام بما لدينا؛ وما نملكه ليس ببالغ الكمال، فقد استلمنا إرثاً من الماضي، إرث الماضي السلبي في كثير من جوانبه. ولكن، مع ذلك، الجيل الحالي يتفاعل، يتفاعل المهنيّون، وهؤلاء المهنيون أنفسهم، جزء كبير منهم هم نتاج الماضي؛ ومع ذلك فهم يتفاعلون ويتفاعلون مع الثورة، يتفاعلون تجاه من يتركون الوطن، ويأتون إلى هنا، إلى نفس هذا المدرج، حيث أتوا يوماً لاكتساب هذه المعارف التي دفع ثمنها الشعب، لكي يقسموا من هنا، أمام الشعب نفسه، على وفائهم للثورة وللوطن. وهؤلاء المهنيون يتفاعلون أكثر يوماً بعد يوم، بينما يبدون أكثر بؤساً وأكثر إثارة للشفقة الجبناء وفقراء النفس الذين يغادرون بلدهم في مثل هذه اللحظة.

وها نحن نرى ردة الفعل هذه عند أطباء، عند مهندسين معماريّين، ومهندسين ومن كل المهن، وعند الطلاب أنفسهم الذين يتخرجون اليوم، وفي الأيام المقبلة، كأطباء، حيث أرسلوا وثيقة إلى الحكومة الثورية هي مصدر فخر لهذه المجموعة، وبالإضافة لذلك، خطوة إلى الأمام في بادرة تغلّبت من ناحية جودتها الثورية والوطنية على دفعة العام الماضي، لأن خريجي العام الدراسي الماضي، الذين يتواجد كثيرون منهم اليوم في الريف، بقيادة اثنين أو ثلاثة من ذوي السلوك المشبوه، يعرضون مطالب ذات طابع اقتصادي، فنسوا كليّاً الحاجة الماسّة للأطباء التي عانتها البلاد، وعجزوا عن المبادرة تجاه الثورة وتجاه الشعب، تجاه الثورة التي تعتزم تحسين مستوى حياة الفنيّين. فقد رأينا نحن بأنه ليس صائباً أن يقبض طالب حديث التخرج، خلال الأشهر الستة التي سيقضيها في الريف، راتباً يصل إلى 240 بيسو. نحن قدّرنا بأن من الضروري إجراء تجربة تسمح لهؤلاء الطلاب، الذين مكثوا في الريف، بأن يقبضوا راتباً أفضل بكثير، ولكن لا ينبغي أن يبدأوا براتب 240 بيسو، وأن هذه الأشهر أيضاً هي أشهر تجربة، لأنه إذا كان هؤلاء الشبان سيمضون أربعة أشهر في سييرّا مايسترا، وسوف يتسلّقون قمة توركينو خمس مرّات وسوف يقدّمون خدمة عمل تطوعي مدتها ثلاث سنوات، من الصحيح أن يكون الخريج الجامعي مستعداً لإثبات ميله للطب، حبّه لبلده.

ولم تكن المسألة مسألة مال، لأن بعض البيسوات الأكثر أو الأقل لا تعني شيئاً بالنسبة للحكومة، بعض البيسوات الأكثر أو الأقل لا تعني شيئاً بالنسبة للاقتصاد الوطني. إنما هي مسألة أخلاقية ببساطة، ونحن لم يكنّ همّنا حجم المدفوعات عن هذه الأشهر، وإنما كان يهمّنا النوعية الأخلاقية لهؤلاء الأطباء حديثي التخرُّج. وأولئك الذين تخرجوا العام الماضي لم يكونوا بمستوى الثورة –وأقولها هنا بصراحة وبالنزاهة التي نتّسم بها-، لأنه عندما قلنا لهم، عرضنا المشكلة عليهم من زاوية أخلاقية، وقلنا لهم: قرروا أنتم: قام اثنان أو ثلاثة من رؤوسهم، معادين علناً للثورة، بتحريضهم وقادوهم إلى موقف من النوع الاقتصادي.

غير أنه في الدورة الحالية، الطلاب الذين سيتخرّجون هذه السنة، كان سلوكهم مختلفاً كليّاً. ولدينا هنا الوثيقة التي أرسلوها، وتقول:

"نحن الموقّعون أدناه، طلبة السنة السادسة في الطب، الذين ينهون دراستهم بعد أشهر قليلة، انطلاقاً من قلقهم جرّاء سلسلة من الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة، وإدراكاً منهم للحظة الحاسمة والثورية التي يعيشها وطننا، يريدون أن يرسّخوا بصورة نهائية موقفهم من الثورة الكوبية والتأكيد على موقفهم تجاه واجبهم المقدس بالوفاء لوظيفتهم الاجتماعيَّة.

بما أننا نعتبر بأن من غير المقبول عرض مطالب اقتصاديَّة حيث، من ناحية، الشعب الكوبي مستعدّ لأكبر التضحيات، ولهذا يعتدي مرزُبان الإمبريالية اليانكيّة علينا بجُبن، نعلن بكل مسؤولية ما يلي:

أولاً: ندعم بأرواحنا، إذا لزم الأمر، الإجراءات والأحكام الثورية المتخذة من قبل الحكومة.

ثانياً: نضع أنفسنا تحت تصرُّف السلطات الكوبية بدون قيد أو شرط، في كل ما تحتاجنا إليه بعد حصولنا على الشهادة.

ثالثاً: سنقبل بثبات وبروح تضحية الراتب الذي ترى الحكومة مناسباً لأن تدفعه لنا.

رابعاً: لا نريد إلا أن نكون نافعين لبلدنا واستخدام معارفنا المكتسبة في الجامعة والتي يدفع ثمنها الشعب، بما فيه الخير لهذا الشعب.

خامساً: ندين أي موقف آخر يسعى للانتقاص من الروح الثورية التي تختمر اليوم في وطننا بصفته موقفاً معادياً للثورة.

سادساً: نطلب من جميع رفاقنا في الدورة اتخاذ هذا الموقف الثوري وأن يعبّروا أمام الشعب عن روحهم في التضحية وحبّهم للوطن الذي حلم به مارتيه.

السنة السادسة من مدرسة الطب في جامعة هافانا" (تصفيق)

ما الذي نعتزم فعله بالفنيّين؟ ببساطة، نعتزم أن ندفع لهم الرواتب التي يستحقونها. أي راتب جيد، لأن الفني بحاجة لتخصيص جزء من حياته للدراسة من دون أن يكون لديه دخل. هذا الفني يستحق حافز الراتب الجيّد، كتعويض عن الجهد المبذول والخدمات التي يقدّمها للبلاد. نحن لم تهمّنا المشكلة من ناحية مبلغ مالي أكبر أو أصغر، وإنما من الناحية الأخلاقية. كان يهمّنا الفني الثوري، نريد فنيّين ثوريّين، والشعب مستعد للدفع للفنيين الثوريين كما يستحقون (تصفيق).

ونحن نعتقد أننا سنستطيع فعل ذلك، لأن اقتصاد البلاد سينمو بوتيرة ما فوق العاديَّة. ونحتاج لهؤلاء الفنيّين، فنحن نقوم ببناء مئات البلدات، ونريد أن يكون في كل بلدة نبنيها طبيب واحد على الأقل. ولهذا هي حاجتنا الماسّة للأطباء.

في السابق لم يكن الأطباء يعثرون على وظيفة، كثيرون منهم. كان عليهم أن يعملوا خلال عدة سنوات بأجر بائس، كانوا يقبضون أجراً بائساً في مستشفيات الدولة، أو يتلقّون أجراً بائساً في عيادات أطبّاء آخرين. الثورة وفّرت العمل لكل التقنيّين. ليس من فني مهني جامعي واحد يستطيع أن يقول بأن ليس لديه وظيفة. ليس هناك من طبيب، من مهندس زراعي أو مدني أو ميكانيك، واحد بدون وظيفة مؤمّنة. ومن هنا يأتي عدم اغتفار سلوك الفنيين الذين هاجروا، لأنهم لم يهاجروا عندما كان الفنيُّ مُستغَلاًّ، عندما الأغلبية الساحقة من المهنيين لم تكن لديهم فرصة؛ لم يهاجروا عندما كانت البلاد تعيش وسط الهول والجريمة. وإنما، هم يهاجرون الآن، تاركين بلدهم، والطبيب الذي يهاجر، الطبيب الذي كان يعمل في مؤسسة وطنية، في مستشفى البلدة، يهاجر. إنه بكل بساطة عمل إجرامي، أكثر جرماً بعد من أي مهني آخر، لأن الطبيب قد جاء للدراسة هنا لكي ينقذ أرواحاً، الطبيب جاء للدراسة هنا من أجل ضمان حياة الشعب (تصفيق). ولا يُمكن تصنيف الطبيب الذي يغادر الأراضي الوطنية بأقل من مجرم، بثمن تعرض أحد أبنا وطنه، أو كثيرون من أبناء وطنه لفقدان حياتهم.

لكنه إجراميّ أيضاً، مجرمون هم أيضاً المهندسون أو المهندسون المعماريّون أو المهنيّون الذي يخونون بلدهم بمغادرته.

"النقابة الوطنية للأطباء" في اجتماع لها يوم أمس اتخذت قرارات بهذا الشأن، وطرحت إعطاء فرصة أخيرة للراغبين بالعودة، إعطاءهم فرصة حتى 31 كانون الأول/ديسمبر. حسناً، لكن اعتباراً من 31 كانون الأول/ديسمبر، نحن نرى بأنه لا ينبغي إعطاء أي فرصة لأي من هؤلاء المهنيين الذين تركوا بلدهم في الساعات الحرجة، لأنه مريح جداً هذا الموقف بترك الوطن عندما كان الخطر وشيكاً، لكي يعود لاحقاً عندما تسير أمور البلاد، كما هي تسير الآن وكما ستسير بشكل أفضل في كل يوم، في طرق تقدّم ورفاه ما فوق العادية. أقل ما يجب أن يخسره هؤلاء هو حق المواطنة في بلدهم، والحق بممارسة مهنتهم هنا (تصفيق).

ها هي مراكز الإقامة الداخلية الطلابية تمتلئ بطلاب جدد، وفي هذه المراكز سوف يتم أيضاً مساعدة الطلاب الحاليين الذين لا تتوفر لديهم موارد. والحكومة الثورية مستعدة لإنفاق ما يلزم في توفير الفرص للدراسة، وفي ملء الجامعات بطلاب جدد، وفي إعداد الفنيين للمستقبل. ليس عندنا اليوم طالب ثوري فقط، وإنما عندنا جامعة بأكملها ثورية، حيث تم في نهاية الأمر القيام بتحوّلات كبيرة في برامجها التعليميّة، أي أنه قد تم في نهاية الأمر القيام بالإصلاح الجامعي أيضاً (تصفيق). لهذا يستحق الأمر بذل الجهود، ولهذا سيبذل الشعب الجهد بكل طيبة خاطر.

في العام الماضي كنّا نتحدث عن المدينة الجامعية. حسناً، بعد أيام قليلة سيتم الشروع ببناء المدينة الجامعيَّة. والطلاب سوف يساعدون، وعمّال البناء سوف يساعدون، و"الفرق الشبابيّة" و"الشباب الثائر" سوف يساعدون (تصفيق). وفي السنة القادمة، في شهر أيلول/سبتمبر منه، ستكون لدينا قدرة على استيعاب ثمانية آلاف طالب، طلاب أصحاب منح جامعية فقط في جامعة هافانا.

بوسعنا إذن أن ننظر إلى المستقبل بتفاؤل على جميع الأصعدة، لأن الأمور تبان بصورة أوضح يوماً بعد يوم، كل شيء يبان أكثر ضمانة: مزيد من التنظيم، مزيد من الخبرة، آفاق أفضل في كل النواحي، وثورة أقوى، وظروف أفضل.

تبدأ عاجلاً سنة جديدة. يكفي القول أنه في السنة الجديدة سيتم في الريف، أي فقط من خلال الإصلاح الزراعي في العام القادم، تأمين فرص عمل لمائتي ألف كوبي آخرين (تصفيق). وهي أرقام دقيقة تقريباً، أي بدون مبالغات. نحن في ظروف تسمح لنا بتوفير فرص عمل في الريف لمائتي ألف شخص آخرين، هذا في الريف فقط، في الزراعة! الآفاق جيدة على جميع الأصعدة.

العام القادم سيكون أيضاً عام التعليم؛ الحرب الكبرى على الأميَّة هي معركة كبرى. نعتزم القضاء على آخر أثر للأميّة خلال سنة واحدة، ونحن على ثقة بأننا سنكسب هذه المعركة، لأننا نعمل عليها منذ الآن. سيتجاوز المائة ألف عدد الأشخاص الذين سيعملون في هذه الحملة. ولكن، إذا رأينا بأن هذا العدد ليس كافياً، فإن نفس الحشد الذي قمنا به ونقوم به من أجل الدفاع عن البلاد، سنقوم به من أجل مكافحة الأميَّة، وسنحشد عشرات وعشرات الآلاف من الطلاب، من العمال، من "الشباب الثائر"، ومن أبناء الشعب الذين تتوفر عندهم الكفاءة اللازمة للتعليم، وسنخرج للبحث عن آخر أميّ، وسنعلّمه القراءة والكتابة (تصفيق).

والوضع الدولي يجب أن يتحسّن. لقد انتصرت الثورة، والثورة هي واقع، والثورة ستواصل طريقها إلى الأمام ظافرة. ماذا تستطيع الإمبريالية أن تفعل أمام الوضع الدولي الذي تواجهه؟ لم يهاجمونا بالمرتزقة، وفي كل واحد من الأيام الماضية، وفي كل يوم يمر الآن، يواجه المرتزقَة هنا عوداً أشد عصيَّة على الكَسْر (تصفيق).

ولهذا، القوة العسكريّة للثورة نمت كثيراً جداً لدرجة أننا نستطيع انتظار المرتزقة، مهما بلغ الدعم الذي يتلقّونه، نستطيع انتظارهم ونحن نقهقه ضحكاً، لأنهم لن يصمدوا شيئاً.

وما هو غير ذلك، ماذا حقّقت الإمبريالية من "دوريّاتها" في حوض الكاريبي؟ فقدان المزيد من المصداقية، فقدان مزيد من الهيبة، وبالإضافة لذلك، دليل على أنهم جزعين، دليل على أنهم يضربون ضرب العميان. تحدث ثورة في غواتيمالا، وعلى الفور يرسلون السفن الحربية وحاملات الطائرات. ماذا يعني ذلك؟ خوف. وماذا يعني؟ أن الثورة لا حاجة لتصديرها، أن الثورات ستحدث لوحدها في كل القارة الأمريكية.

ماذا فعلوا بسفنهم؟ مهزأة. ماذا فعلوا بمناوراتهم؟ مهزأة. ماذا فعلوا باعتداءاتهم الاقتصاديَّة؟ مهزأة. ورطل السكّر مرتفع جداً الثمن في الولايات المتحدة. سوف نرى ما سيحدث العام المقبل، وسوف نرى كيف يتدبّرون أمرهم بالسكَّر. نحن سوف نضع سياستنا المتعلّقة بإنتاج السكّر. في نهايات كانون الأول/ديسمبر أو بدايات كانون الثاني/يناير، سوف نجمع الكلّ: عمّال السكّر في المصانع، أعضاء التعاونيّات، المستوطنين، الجميع، وسوف نصيغ سياسة لإنتاج السكر تنسجم مع الآفاق القائمة.

هل يوجد بلدان تريد استغلال العدوان الاقتصادي على كوبا من أجل المُضاربَة؟ سوف نرى من يستطيع التنافس مع كوبا في إنتاج السكَّر. سوف تكون كوبا، ببساطة، في موقع متميّز في السوق، بالرغم من العدوان. وسوف نتّبع سياسة، وسنرى ما يحدث، وسنرى ما ستفعله الإدارة الجديدة التي ستحل محلّ إدارة آيزنهاور (صيحات: "برّا!"). سوف نرى الخط الذي تتبعه، لأن السيد كيندي مارس الكثير من الديماغوجية خلال الحملة الانتخابية مستحثّاً العدوان على كوبا. ولكن، بما أن القول شيء والفعل شيء آخر، سوف نرى ما يفعل السيّد كيندي. سوف نرى إن كان في خضم حملة محو الأمية التي نقوم بها، تُمحى أميّة السيد كيندي سياسيّاً، ويُعاد تهذيبه سياسيّاً. ربما يكون بوسع هذه الحملة لمحو الأميّة أن تفتح باب فهم السيد كيندي. وحينها، سنرى ماذا يفعلون، سنرى إن كانوا يريدون المضي في سياسة الاعتداءات على بلدنا، وهي سياسة غبية، سياسة خرقاء وسياسة فاشلة، أو يقررون تركنا بسلام، وهي أفضل صفقة لهم. على الأقل لديهم الفرصة لفعل ذلك.

تكلفة الاعتداءات ترتفع عليهم اليوم؛ الكثير من المصانع في الولايات المتحدة قد انهار، وقادة هذا البلد الخُرَقاء قد ضحوا بعمّالهم أنفسهم، ضحّوا بصناعاتهم نفسها.

وبالحظر، بالكاد حقّقوا شيئاً. فبعد الحظر، استمرينا جميعاً في حال جيّد نوعاً ما؛ مضينا بشكل جيد نوعاً ما في فعل نفس الأمور؛ وبما أن الإنتاج الزراعي، من ناحية أخرى، آخذ بالنمو بوتيرة ما فوق العاديّة، فإننا نقوم اليوم بتخزين دجاج مجلّد لأعياد الميلاد (تصفيق)؛ وها قد بدأ جمع محصول الحبوب؛ يوجد 50 ألف ديك رومي، وما هو أكثر بعد: يتم بطريقة ما فوق العادية إنتاج لحم الخنزير، بخطوط خاصّة قمنا بتطويرها على مدار أشهر كثيرة، وهو ينمو بوتيرة تبلغ من الكبر درجة أنه في أعياد الميلاد المقبلة سيكون لدينا حتى صغار خنازير مشويّة (تصفيق) للهواة الذين لم يكن بوسعهم التسليم بقضاء عيد الميلاد بدون تذوّق هذه الوجبة.

لقد فشل الحظر. لقد أخذنا بحل مشكلاتنا وهم ضحّوا بهذا السوق. سياسة خرقاء؛ يكفي أن يفعلوا ذلك في كل أنحاء العالم، وسيكون كافياً للقضاء على الإمبريالية إلى الأبد. لو فعلوا مع كل العالم ما يفعلونه مع كوبا، ستدوم ستة أشهر؛ لاحظوا أنتم كم بلغ غباءهم مع كوبا.

أي أن الآفاق جيدة على جميع الأصعدة. سوف نخطط سياستنا في إنتاج السكّر، وسوف نرى ما ستفعله الإمبريالية: إذا ما أصرّت على اعتداءاتها، هو شأنها، أو تبدأ بإعادة التفكير والإدراك بأن الثورة الكوبية قد أصبحت واقعاً لا يُمكن تدميره وتتركنا بسلام.

نحن نريد السلام. لماذا نريد السلام؟ لأن لدينا مشاريع كبيرة، لدينا خططاً كبيرة؛ ونرى كيف تسير عليه كل الأمور، ويبدو لنا بأننا على مشارف مستقبل بلادنا، المستقبل ما فوق العادي لبلدنا، الذي سيكون نموذجاً لكل شعوب أمريكا اللاتينية، وسيكون موضع تقدير وإعجاب باقي شعوب العالم. نحن نحتاج السلام من أجل تحقيق هذا المشروع العظيم؛ نحن نرغب بتوظيف كل طاقة شعبنا في هذا المشروع؛ نحن لا نريد دماءً؛ نحن ليس بودّنا أن نشهد سقوط شاب واحد، جنديّ واحد، عضو ميليشيا واحد عامل واحد، كوبي بواحد؛ نحن بودّنا أن نراهم جميعاً يعملون. إذا ما تسلّحنا نحن، فهو للدفاع عن هذا الحق بالعمل؛ وإذا ما وظّفنا طاقات ما فوق العادية لإعداد دفاعنا فهو من أجل ضمان هذا الحق.

وسنواصل استعدادنا، سنواصل تحسين دفاعنا العسكري، لأنه في نهاية المطاف هذا هو الأكثر ضمانة. الضمانة الأكثر وثوقاً أمام الإمبريالية هو أن نكون شديدي التسلُّح. ولهذا نحن نقوم بتحقيق ذلك؛ في موعد قريب جداً سنكون شديدي التسلّح وشديدي الجاهزية للدفاع عن أنفسنا أمام أي هجوم (تصفيق). وبعد ذلك؟ وبعد ذلك، إلى العمل، إلى تحقيق المشاريع الكبرى للثورة. هذا الاستعداد العسكري يعطينا الحق بمواصلة العمل؛ إنه شرط مسبق لمواصلة العمل. ولعلّنا نجعل الإمبريالية تعيد التفكير بأن أي هجوم على كوبا محكوم عليه بالفشَل؛ أن أي هجوم على كوبا إنما سيكون انتحاراً للإمبريالية. والحقيقة أننا نفضل إلا تنتحر الإمبريالية على حسابنا، وإنما أن تواصل الإمبريالية، على حسابها هي، الموت البطيء حتى اختفائها التاريخي الكامل والحتمي.

هذه هي طريقة تفكيرنا؛ وهذا ما أردنا الحديث عنه اليوم. ربما ما زال هناك بعض الأمور، ولكن لا يهم؛ ما هو جوهري قمنا بقوله. كنّا صريحين، كنا صادقين؛ قلنا الحقيقة بكل وضح على قساوتها، عندما رأينا أـن من واجبنا أن نقولها.

لكنّنا عبّرنا أيضاً عن إيماننا، عن تفاؤلنا. اليوم نستطيع أن نتكلّم من على هذا المدرج بثقة أكبر، لأن هذا المدرج قد بدا في كل يوم أكثر ثورية من ذي قبل (تصفيق)؛ وهذا المدرج قد أخذ بتقمّص هوية الشعب بشكل أكبر يوماً بعد يوم. والحقيقة أنه لا يُمكن وجود طريقة أفضل لتكريم شهداء عام 1871 والطلاب الذين قدّموا أرواحهم من أجل ما نقوم بفعله اليوم، من أجل انتصارات الوطن هذه التي نحن أمامها اليوم.

والحقيقة أنه لمبعث ارتياح للجميع، لكل الشعب، للطلاب ولنا جميعاً، التفكير في هذه الذكرى التاسعة والسبعين لأولئك الطلاب، ضحايا الاحتكار الأبرياء، ضحايا الاستغلال، الأنانية؛ ضحايا امتيازات الأمس الأبرياء، أولئك الأبرياء الذين سقطوا جرّاء الحقد الذي كانت توقظه فكرة العدالة عند مضطهدي الأمس الكريهين، عند المصالح الأجنبيَّة الكريهة التي كانت تستغل وطننا؛ الذين أسهم أولئك الضحايا الأبرياء، الذين قتلهم امتياز الأمس، إلى جانب كل الشهداء الذين سقطوا على يد الامتيازات، في القضاء على الامتيازات في نهاية الأمر، امتيازات المستعمرة وامتيازات شبه المستعمَرة، امتيازات المستعمَرة الإسبانية وامتيازات المستعمر اليانكية. هم كانوا ضحايا المستعمرة الإسبانية؛ ضحية كان ميجا؛ ضحية كان تريخو، ضحية كان خوسيه أنتونيو إيتشيفارّيا وكل الرفاق من أبناء جيله (تصفيق)، ضحايا، ضحايا المستعمرة الإسبانية، البنادق اليانكية، القمع والاستغلال اليانكيّين.

ولكن، في نهاية المطاف، جهودهم جميعاً أسهمت في ألا يوجد مستعمرة بعد اليوم، لكي لا يعود هناك امتياز بعد اليوم، لكي تشرق في نهاية الأمر شمس الحرية الحقيقية والعدالة الحقيقية يوماً ما في ووطننا.

ومع تكريمنا هذا للشهداء، نعبّر أيضاً عن تقديرنا للذين ناضلوا في الحرب وواصلوا النضال في السلام؛ ولنعبّر أيضاً عن تقديرنا للقادة الجامعيّين؛ تقديرنا للقائد الأولى للطلبة، الرفيق رولاندو كوبيلاس (تصفيق)، الذي عرف كيف يلعب دوراً في الحرب وعرف كيف يقوم بواجبه في السلام. عشية تخرجه كطبيب، وعشية استكمال حياته الجامعيّة، يستحق تماماً تقديرنا العلني والصادق (تصفيق مطوَّل)، والتعبير بأنه يحمل معه التصريح الذي يحمله المكرَّمون: الحق بأن يرفع رأسه عالياً وتقدير وعرفان شعبه!

نعبر عن تفاؤلنا وعن تقديرنا لكل الجامعة؛ عن إيماننا وثقتنا بأن جامعة هافانا ستكون أيضاً في الصف الأول في هذه اللحظة الخلاقة والمجيدة لوطننا!

تصفيق حاد ومطوَّل

 

دائرة الطبعات الاختزالية في مجلس الدولة

1 مقياس مساحة زراعيّة يساوي 1343 آراً.

Departamento de Versiones Taquigráficas del Consejo de Estado